محمد أحمد العبدالله Admin
عدد المساهمات : 299 تاريخ التسجيل : 26/07/2011
| موضوع: لماذا بوتين هنا ؟ الخميس يونيو 28, 2012 6:13 am | |
| - جريدة الديار | لماذا بوتين هنا ؟ بقلم نبيه البرجي كتب:
لماذا بوتين هنا ؟
«…حتى لتشعر ان العرب عقدوا قرانهم على المجهول». نقل هذا عن لورنس العرب. ولعله هو صاحب مصطلح «بدوانقراسي»، الذي يكرّس البداوة كنسق في التفكير والاداء. ولكن حتى البدوي الذي اشتهر بالفراسة كان يدرك، وهو يضرب عصاه في الصحراء اين يضع قدميه واين تذهب به هاتان القدمان…
صادق جلال العظم اعتبر ان عقلنا صحراء، خيالنا صحراء، لغتنا صحراء، مع ان العرب من نقلوا اريسطو، بل والفلسفة اليونانية، الى اوروبا. بطبيعة الحال لم ينقلوها على ظهور الابل وانما عبر الكتب التي كانت تعكس وعيا لا متناهيا بالعالم. كل هذا توقف عند ابواب الغيب (لاشيء سوى الغيب الآن)، بل و عند ابواب الغياب. استطراداً الغيبوبة!
الصورة تختزل رأي الآخرين فينا. تسمع هذا في واشنطن، كما في موسكو، ناهيك عن باريس التي شاخ فيها كل شيء، وحتى ساقي بريجيت باردو اللتين بدتا، في وقت من الاوقات، كما لو انهما اكثر اهمية بكثير من دماغ نابليون بونابرت…
الآن، يسألنا فلاديمير بوتين: لماذا لا تقطعون علاقتكم مع المجهول؟
والمثير ان يقال ان الرئيس الروسي الذي طالما وصف في الغرب بأنه ترعرع في الغرف السوداء (اي الـ ك.ج.ب) لا يرى في الكرة الارضية سوى غرفة سوداء، ذهب الى اورشليم لا ليستعيد الذاكرة الارثوذكسية، وهي حاضرة بقوة هناك، وعبر الروس تحديدا لا عبر الاغريق الذين كادوا يخلطون فلسفيا وحتى كنسياً بين موت سقراط وموت المسيح، وانما ليسّر في اذن بنيامين نتنياهو ان العرب يجرونكم الى المجهول. قد يكون شمعون بيريس، بتجربته الطويلة منذ ان كان الصبي المفضل لدى دافيد بن غوريون، اكثر قابلية لادراك ذلك الكلام…
ثمة سؤال لا مناص من طرحه، وهو: هل تتقاطع مصلحة موسكو مع مصلحة تل ابيب في التصدي للتسونامي الاسلامي الذي يضرب المنطقة، بل و ابعد بكثير من المنطقة؟..
هذا بعدما بات جليا ان اغلب المستشرقين الروس الجدد يعتقدون ان الصدمات التاريخية، والسياسية، وحتى السيكولوجية التي تعرضت لها المجتمعات العربية، والاسلامية ايضاً، جعلتها تتجه، راديكاليا وحتى دمويا، نحو الخيار الايديولوجي، حتى ليقال ان شبح اسامة بن لادن «المقدس» قد يوجد تحت عباءة كل داعية الى الصحوة. دائما الصحوة داخل المجهول…
يدرك الروس ان الاوروبيين الذين طالما لعبوا في الشرق الاوسط، وعلى مدى قرون، لم يعودوا يتقنون سوى الصراخ، فيما يتساءل بول كروغمان، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، ما اذا كانت الولايات المتحدة تتجه الى احد هذين الخيارين: إما الحرب الكونية لاعادة هيكلة الكرة الارضية، وهو الامر المستحيل بوجود القنبلة النووية بكل اشكالها، او العودة الى مبدأ مونرو(1823)، اي ان تقفل الباب على نفسها وتستعيد الوجه البهي لثقافة الهنود الحمر…
هذا لأن العالم الذي بدا لفترة من الفترات، وخارج الملكوت الشيوعي، وكأنه ضاحية اميركية، احيانا ضاحية من الصفيح، بات الآن عبارة عن ادغال. كروغمان تحدث عن تضاريس ايديولوجية واستراتيجية غامضة، كما لو ان الكرة الارضية تتدحرج، فعلا، نحو النهايات التي قالت بها الكتب المقدسة..
يدرك الزائر الروسي الذي كان لافتا جدا برنامج زيارته ان المنطقة تتجه الى المجهول، اي الى الفوضى، وربما الى الانفجار. ولا ندري ما اذا كان قد تمكن من اقناع نتنياهو الذي يراهن ، تلموديا على الاقل، على تحول الدول العربية الى حطام، بأن يتخلى، ولو تكتيكيا عن هيستيريا القوة، وعن الدفع المتواصل في اتجاه الحرب. لكن ما نشر في الغرب، كما في موسكو، يشير الى ان الرجل انما دق في اسرائيل ناقوس الخطر…
الروس قالوا اكثر من مرة ان الايرانيين يزمعون امتلاك التكنولوجيا، او الثقافة، النووية لا القنبلة النووية. اجهزة استخباراتهم تؤكد ذلك وبمنتهى الدقة، وان اي حرب على ايران لا بد ان تنتهي نوويا، وهذا ليس من مصلحة احد بمن في ذلك بعض العرب الذين يراهنون (لماذا؟!) على زوال الدولة الايرانية لتغدو باكستان، بكل تعقيداتها، هي المظلة الواقية – وتصوروا – لشبه الجزيرة العربية…
في نظر بوتين، فإن الملف الايراني ليس وحده الملف الذي تحدق به الحرائق. «الاخوان المسلمون» اصبحوا اصحاب الكلمة في مصر، وغدا تسيطر حركة «حماس» على الضفة الغربية ما دام محمود عباس يحافظ على هلاميته القاتلة، وبالتالي هل يمكن لاحد ان يحول دون الضفة الشرقية والانفجار، وهي التي تهتز بقوة الآن؟
اذاً، لا بد من مؤتمر دولي ينزع اسنان المجهول مادامت اسرائيل تتجه اكثر فأكثر لتصبح دولة الحاخامات لا دولة الجنرالات، اي مادام العقل السياسي في ازمة، اين منها ازمة قايين وهابيل. العقل السياسي في سائر اصقاع المنطقة. هذا ما يبتغيه بوتين: ان يلتقي الجميع لوضع تصور، خارج جدلية البلقنة، لمستقبل الشرق الاوسط. لكن العقل نفسه…يتدحرج | |
|